الفضيحة في أبسط تعريفاتها هي تجاوز يطعن المجتمع في أخلاقياته ومعتقداته، ولكن ذلك التجاوز الأخلاقي يظل مسألة نسبية لخضوعه لتغير الزمان والمكان، ولكن الفضيحة الرياضية أو "الفضيحة الكروية" على وجه التحديد تعد استثناءً مما سبق، حيث لا يختلف عليها عشاق كرة القدم كثيرًا في أي بلد من بلدان العالم، حيث أن كرة القدم بشعبيتها الطاغية ونجومها وأنديتها بشهرتهم الواسعة يجب أن يقدموا القدوة الأخلاقية الجيدة لملايين البشر الذين يتعلقون بهم.فالنموذج الأخلاقي الجيد والتنافس الرياضي الشريف سوف يظل لهما أهمية تفوق المتعة الكروية التي يقدمها لنا هؤلاء النجوم وتلك الأندية، ولذلك كانت الصحافة الرياضية الغربية وغيرها من الكيانات التي لها علاقة بالميدان الكروي حريصة أشد الحرص على كشف النقاب عن أي تجاوزات أخلاقية في ملاعب كرة القدم دون مواربة أو مجاملة أو خضوع لمصالح خاصة بأي شكل من الأشكال .
نقدم ملفا مصغرًا ومركزًا يشتمل على أشهر 7 فضائح كروية في التاريخ، أعدته صحيفة "التايمز" اللندنية ورصدت من خلاله تاريخيًا أكثر الفضائح الرياضية شهرة وتأثيرًا وتم التوصل إلى أشهر 50 فضيحة رياضية على مدار قرن كامل من الزمان، وكان من بين هذه الفضائح الرياضية المتنوعة العديد من الفضائح الكروية اخترنا من بينها الفضائح السبعة الأكثر شهرة والتي أحدثت دويًا هائلاً ولا تزال عالقة بالذاكرة الكروية العالمية .
1- التلاعب في نتائج مباريات الدوري الإيطالي موسم 2006 ....
أقطاب فضيحة الكالتشيو في الدوري الايطالي
أقطاب فضيحة الكالتشيو في الدوري الايطالي
كان التلاعب في نتائج الكالتشيو الإيطالي هو أكبر فضيحة كروية وأشهرها في التاريخ، حيث تمت إدانة نادي "اليوفنتوس"
وعدد من الأندية الإيطالية الكبرى الأخرى بالتورط في التلاعب بنتائج المباريات بمساعدة بعض الحكام وبعض قيادات الأندية وذلك في الموسم الكروي 2006 والذي سبق تتويج المنتخب الإيطالي ببطولة كأس العالم 2006 وهي البطولة التي غسلت بها الكرة الإيطالية عارها واستعادت جزء كبير من بريقها.
وبالعودة إلى بعض تفاصيل الفضيحة المدوية في واحدة من أقوى بطولات الدوري في العالم، فقد تم تجريد فريق "السيدة العجوز" – اليوفنتوس-من لقب بطولة الدوري في هذا الموسم وتقرر كذلك هبوطة إلى دوري الدرجة الثانية في قرار كان بمثابة الصدمة لعشاق الفريق الكبير، فيما رآه بعضهم الآخر إنصافًا وانحيازًا لسمعة كرة القدم بشكل عام والكرة والإيطالية بشكل خاص، كما تم خصم نقاط من كل من ايه سي ميلان وفيورنتينا وريجينا ولاتسيو .
ومن الدروس المستفادة من هذه الفضيحة الكروية أن العدالة أخذت مجراها الطبيعي دون مجاملات للكبار ودون الخضوع لنفوذ وجماهيرية وشعبية هذا النادي أو ذاك، وعلى الرغم من مناداة بعض الأصوات في إيطاليا وخارجها بضرورة غلق ملف هذه الفضيحة الكروية خاصة وأن المنتخب الإيطالي قد فاز ببطولة كأس العالم 2006 وبعد أسابيع قليلة من تفجر الفضيحة، إلا أن تلك الأصوات لم يكن لها صدى في مواجهة الإصرار على معاقبة كل من ثبت إدانته في هذه الفضيحة الكروية .
2- فضيحة التلاعب بنتائج الدوري الألماني ( البوندزليجا ) 2005....
حيث اعلن الاتحاد الالماني لكرة القدم في أوائل شهر فبراير عام 2005 ان الحكم " روبرت هويزر " تلاعب او حاول التلاعب في نتائج 7 مباريات في اطار أكبر فضيحة تعصف بكرة القدم الالمانية منذ أكثر من 30 عاما ( تم التلاعب في نتائج 5 مباريات وفشل في التلاعب في نتائج مباراتين ) واعترف هويزر بتلاعبه في النتائج لتتفجر أكبر فضيحة بكرة القدم الالمانية منذ عام 1971.
وكل المباريات السبع التي أشار اليها الاتحاد الالماني هي خارج دوري الدرجة الاولى او في كأس المانيا، وذكرت الصحف المحلية في حينها إن هويزر أبلغ الادعاء في برلين أن حكامًا ولاعبين اخرين شاركوا في التلاعب في نتائج المباريات وانه كان موجودًا عندما تلقى حكام آخرون رشاوى وسمع عن دفع اموال للاعبين.
وهو ما جعل القضية تتفجر بشكل واسع خاصة أن ألمانيا كانت مقبلة على تنظيم نهائيات كأس العالم 2006 الأمر الذي دفع الفيفا وتقديم النصيحة لألمانيا بضرورة معالجة الأمر في أسرع وقت ممكن لكي لا يؤثر سلبًا على أجواء كأس العالم 2006، يذكر أن فضيحة فساد كبرى عصفت برياضة كرة القدم الالمانية عام 1971 شملت معاقبة 53 لاعبًا ومدربين اثنين وستة مسؤولين واثنين من الاندية
3- جلين هودل – المدير الفني للمنتخب الإنكليزي – 1999 .
تورط المدير الفني للمنتخب الإنكليزي في هذا الوقت "جلين هودل" الذي كان يعد أحد أبرز نجوم الكرة الانكليزية قبل أن يتقلد منصب المدير الفني لمنتخب الأسود الثلاثة، تورط "هودل" في تصريحات غير أخلاقية تمس واحدة من القضايا الإنسانية التي تهم البشرية في كل مكان وهي قضية "المعاقين" التي تعد من القضايا التي تحمل حساسية خاصة، حيث قال "هودل" إن كل شخص تعرض لإعاقة ما يدفع ثمن ذنوب وخطايا ارتكبها من قبل أو كان من الممكن أن يرتكبها!
تلك التصريحات أثارت استياء الجميع وأحدثت دويًا هائلاً في وسائل الإعلام والصحافة الإنكليزية والأوروبية في هذا الوقت مما دفع "جلين هودل" إلى التورط في فضيحة أخرى وهي نفي تلك التصريحات وتكذيب مراسل صحيفة "التايمز" ولكن لسوء حظ "هودل" كان مراسل الصحيفة اللندنية يحتفظ بتسجيل كامل لما قاله "هودل" الذي وجد نفسه مدفوعًا من الجميع لتقديم استقالته وهو ما حدث بالفعل.
4- مارادونا وفضحية المنشطات في كأس العالم 1994...
شهد كأس العالم بالولايات المتحدة عام 1994 نهاية مأسوية لأسطورة كروية كبيرة وهو النجم الأرجنتيني "دييجو أرماندو مارادونا" حيث تمت إدانته بتعاطي المنشطات وذلك على خلفية التحاليل التي أجريت له عقب مباراة اليونان التي أحرز خلالها هدفًا رائعًا ولكن النهاية المأسوية كانت بانتظاره عقب تلك المباراة، وعلى الرغم من محاولاته نفي إيجابية التحاليل مؤكدًا أنه تناول مشروبًا للطاقة ولم يتناول منشطات ممنوعة إلا أن المواد المحظورة ظهرت في العينة التي تم أخذها منه.
واكتملت فصول النهاية المأساوية من خلال قرار إيقافه وخروج المنتخب الأرجنتيني من الدور الثاني للبطولة ومنذ ذلك التاريخ لم يستطع المنتخب الأرجنتيني تقديم إنجاز كبير في بطولة كأس العالم تضاهي انجازات فترة الأسطورة "مارادونا" حيث حصل منتخب "التانجو" على كأس العالم عام 1986 ووصل لنهائي بطولة عام 1990 قبل أن يخسر اللقب لمصلحة المنتخب الألماني. وعلى الرغم من تمتع الكرة الأرجنتينية بالكثير من المواهب منذ أفول نجم "مارادونا" في تلك الفضيحة إلا أن منتخب التانجو خرج ولم يعد منذ أن خرج الأسطورة "مارادونا" من الملاعب الخضراء.
5- مارسيليا الفرنسي يلاعب بنتائج المباريات 1993...
بعد أن تمكن نادي "مارسيليا" الفرنسي من تحقيق إنجاز تاريخي للكرة الفرنسية وذلك من خلال الظفر بلقب كأس أوروبا عام 1993 كأول فريق فرنسي ينال هذا الشرف الكروي الأوروبي الكبير، بعد هذا الإنجاز الكبير كانت هناك فضيحة كروية مدوية بانتظار الفريق الفرنسي العريق حيث تمت إدانته بالتلاعب في نتائج مبارايات الدوري الفرنسي كما ثبت تورط النادي ورئيسه الملياردير الشهير "بيرنارد تابي" في مخالفات مالية جسيمة، كانت نتيجتها هبوط "مارسيليا" إلى دوري الدرجة الثانية في الموسم التالي.
كما تقرر الحكم بسجن رئيس النادي "بيرنارد تابي" لمدة 6 أشهر، وعلى الرغم من أن "مارسيليا" يتمتع بشعبية كبيرة في فرنسا، وكان في فترة ما يعد أحد القوى الكروية الأوروبية الكبيرة إلا أن هذه الفضيحة لا تزال تلقي بظلالها على الفريق الذي لم يتمكن منذ هذا الوقت من العودة لمكانته السابقة وترك الساحة الفرنسية لأندية أخرى على رأسها العملاق الحالي "ليون".
- مارادونا وهدف " اليد " في المنتخب الإنكليزي (كأس العالم 1986)...
في واحدة من المباريات التاريخية التي لا يمكن محوها بسهولة من ذاكرة كرة القدم العالمية، تمكن الأسطورة "مارادونا" من تسجيل هدف تاريخي بيده في مرمى بيتر شيلتون حارس مرمى المنتخب الانجليزي، وذلك خلال مباراة المنتخبين في الدور الربع النهائي لبطولة كأس العالم التي أقيمت في المكسيك عام 1986، وحينما تم سؤال "مارادونا" حول مدى صحة هذا الهدف رد بمقولته الشهيرة ... "لم تكن يدي التي أحرزت هذا الهدف، إنها يد الله ..!!"
وعلى الرغم من إحراز الهدف بيده إلا أن ماردونا انطلق ليحتفل بهذا الهدف بل أنه طلب من رفاقه في المنتخب الأرجنتيني أن يحتفلوا معه بصورة اعتيادية لكي لا يتردد حكم اللقاء وهو الحكم العربي "علي بن ناصر" في احتساب الهدف وهو ما حدث بالفعل وتقدمت الأرجنتين على انكلترا بهدف.
الهدف المذكور كان دافعًا للصحافة الانكليزية التي هاجمت مارادونا واصفة إياه بالخنزير الغشاش وغيرها من الشتائم، وكان الدافع وراء هذه الحملة أن النجم الأرجنتيني لم تكن لديه أخلاق رياضية تجعله يعترف بعدم صحة الهدف خاصة وأن حكم اللقاء لم يتمكن من رؤية لمسة اليد التي قام بها مارادونا بطريقة احترافية، وفي الوقت الذي يرى بعضهم أن ما قام به النجم الأرجنتيني عارًا كبيرًا بالمقاييس الأخلاقية الرياضية، إلا أن بعضهم الآخر لم ينظر للأمر من هذه الزاوية معتبرين أن "مارادونا" لاعب يتصف بالذكاء والدهاء...!!
وخلال المبارة ذاتها تمكن الأسطورة الأرجنتيني من تسجيل أجمل هدف في تاريخ كرة القدم وهو الهدف الثاني له ولمنتخب بلاده خلال اللقاء، حيث تمكن مارادونا من استلام الكرة قبل منتصف الملعب وانطلق بها مراوغًا كل من قابله من المنتخب الإنكليزي، حيث تمكن من مراوغة خط وسط وخط دفاع وحارس الإنكليز ليسجل هدفًا أسطوريًا، ولكنه لم يشفع له عند جماهير وصحافة انكلترا الذين يصرون على رأيهم القائل أن هدف مارادونا بيده كان فضيحة كروية مدوية وبرهان مؤكد على عدم تمتع النجم الكبير بالحد الأدنى من الأخلاق الرياضية!
7- فضيحة مراهنات الكرة الإنكليزية عام 1915 ....
المال سبب رئيس للفضائح الكروية
بعد مرور كل هذه السنوات لا يستطيع الإنكليز أن ينسوا هذه الفضيحة الكروية المدوية التي يتم استحضارها بشكل دائم كرادع لكل من تسول له نفسه التورط في فضائح المراهنات ذلك الباب الذي قد تأتي منه رياح تدمر كرة القدم وتقتلعها من جذورها، ففي العام المذكور (1915) تورط كل من "ليفربول" و"مانشستر يونايتد" في فضيحة مراهنات، وفي الوقت ذاته فضيحة تلاعب في نتيجة المباراة لمصلحة مانشستر يونايتد وذلك لانقاذه من الهبوط في هذا الموسم، وتم الإتفاق على أن يفوز فريق "مانشستر" وبنتيجة محددة الأمر الذي جعل فريق ليفربول لا يقوم بأي جهد داخل الملعب وكان الأمر لافتًا للجميع، وهو ما دفع الإتحاد الانكليزي إلى فتح باب التحقيق حيث ثبت تورط 7 من عناصر الفريق وتم شطبهم بشكل نهائي من سجلات اتحاد الكرة الانجليزي، ولكن ظروف الحرب دفعت بالاتحاد الانكليزي إلى العفو عن 5 لاعبين في عام 1919 وذلك بناء على ضغوط جماهيرية وكنوع من إشاعة المتعة والبهجة لتك الجماهير في زمن الحرب